الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة تحرّك في كل الاتجاهات بحثا عن حاضنة : هل أصبح الجريء مصدرا لازعاج رياضي-سياسي في تونس؟

نشر في  09 جويلية 2020  (14:05)

بعد كلّ الجدل الذي أثاره سابقا طيلة الفترتين التي أشرف خلالهما على ترؤس جامعة كرة القدم، يبدو أن مطامع وديع الجريء لن تتوقف على مجرّد كرسي في جامعة المنزه بل أن الطموح يسير الى التعاظم الى ماهو أكبر ثقلا ونفوذا..أو هكذا أوعزت له نفسه وبعض المحيطين به من هواة وأنصار شعار "عاش الملك..مات الملك"..
الجريء وكما يقرّ العديد في سرّهم ويعجزون عن الافصاح بذلك علنا، بات حقا مصدر ازعاج سياسي في تونس والكثيرون يدركون ذلك، فالرجل امتطى صهوة الوسيط والمتمكّن من جميع خيوط اللعبة فمال الى النهضة تارة والتجأ الى تحيا تونس طورا..ومن يدري فلعلّ مستجدات الفترة القادمة قد تحمله الى تيار ايديولوجي وسياسي مخالف طالما انه يضمن له مواصلة مسيرته والتي تخيّل له أنه الأفضل في تاريخ الكرة التونسية..
بمجردّ وضع جرد بسيط للنتائج الرياضية للمنتخبات الوطنية، وباستثناء تتويجين وديين لمنتخب الأصاغر عربيا وفي شمال افريقيا منذ سنوات خلت، فان دار المنزه بقيت على حالها، فالألعاب الأولمبية ظلت مجرد سراب لا غير رغم جيش التعزيزات والتعيينات والتربصات ومع ذلك عجزنا حتى عن بلوغ الألعاب الافريقية..أما في بقية الأصناف فان الفشل كان عنوان المرحلة بامتياز..
وفيما يتصل بمنتخب الأكابر فان جوقة الدفاع ستتحدث دون شكّ عن نصف نهائي الكان وبلوغ المونديال وهما نتيجتان ألفتهما الجماهير في تونس وليست نصرا مبينا خاصة ان كواليس "كان مصر" كشفت عن اخلالات بالجملة أما رحلة روسيا فقد انتهت قبل أن تبدأ بخماسية بلجيكيا..
وحتى لا نُتّهم باقامة محكمة علنية للجريء في هذه المساحة بعد كشفنا للواقع الفني لمنتخباتنا الوطنية، فان الأهم هو التطرق الى الازدواجية التي يتسم بها تعامله بين الرياضي والسياسي وسعيه المحموم الى بلوغ شيء ما..فالرجل ناقض نفسه حين قال في ديسمبر الفارط ان الجامعة تلتزم بتوصيات الفيفا ولا تداخل للسياسة في الرياضة بعد ذلك اليوم، فاذا بمكتبه الجامعي يضم قياديين في تحيا تونس الذي باتت الجامعة بمثابة فرع له بوجود جنيح الابن والمغربي وبن عمران دون نسيان أن الجريء نفسه -ورغم تبرؤه ونفيه- فقد كان في الصف الأمامي لحملة يوسف الشاهد..
الجريء وبما أنه يجيد العزف على وتر المظلومية فانه راسل الغنوشي قبل سبع سنوات ليشتكي من ممارسات طارق ذياب في رسالة شهيرة هندسها مهدي بن غربية الذي يبقى الى حد الساعة حاكم الظل في كرتنا، وها أن رئيس الجامعة يكرّر الزيارة (العلنية على الأقل) للغنوشي بصفته رئيسا للبرلمان طالبا منه التوسّط في شهر ماي للسماح بعودة نشاط البطولة..
واذا ما كنت سلطة وزير الصحة أقوى انذاك وفرض موقفه بمنع عودة البطولة في جوان، فان ذلك لم يقطع الأمل لدى رئيس الجامعة في مزيد التحرك خطوات اضافية في ملعب السياسة دون قيود تذكر، فوظّف بدائل عدة ومنها توزيع المساعدات الاجتماعية مع استثمارها جيدا في المشهد الاعلامي بشكل متواتر، حتى ان ظهور الجريء نفسه كاد يعادل بروز عبد اللطيف المكي ونصاف بن علية وشكري حمودة طيلة فترة الحجر الصحي..وانتقل من قناة تلفزية الى أخرى ليثني على ترشيد النفقات وحسن التصرف الذي خلق فائضا ماليا في الجامعة، وهذا مشكل أخرى حول اللوبي الاعلامي الذي امتهن رفع أسهم الجامعة وشيطنة من لا يلاقي هوى في نفوس أعضائها المعلنين وحتى المخفيين..ومقابل هذا الاسهال اللغوي في الحديث عن طفرة مالية فان الأندية لم تستفد منه الا بالفتات..وهذا ما كان مثلا منطلقا في النزاع المتضخم ككرة الجليد مع توفيق المكشر رئيس هلال الشابة..
جرأة رئيس الجامعة تبلورت بشكل اضافي في وعوده المتكررة باصلاح الملاعب والاشراف على التهيئة فاذا به يتخطى مهام البلديات وحتى وزير الرياضة الذي لاقى هوى كبيرا في نفسه وهو الصديق المقرب اليه قلبا وقالبا..دون أن ننسى تحالفه مع المنظمة الشغيلة التي كانت أبعد ما يكون عن تفاصيل الكرة فاذا بها شريك فاعل بما للكلمة من معنى..
الجريء تدخل أيضا لخلاص شيكات السعيداني وهذا فيه استثمار لثقل المنطقة رياضيا وسياسيا رغم بروز أصوات نددت باعتماد سياسة المكيالين في نصرته للابن المدلّل، ولكنها لم تكن خطوة اعتباطية من رئيس الجامعة الذي تحوّل بنفسه أيضا الى مدنين ثم تطاوين ليعلن عن انشاء مركز للطب الرياضي اعتدنا تاريخيا أن يكون من مشمولات وزارتي الرياضة والصحة فاذا بالجريء يصبح هو الآمر -الناهي بشأنه..
قد تكون كل هذه المعطيات وغيرها من التي لم نتولاها بالشرح في "الجمهورية" دلائل واضحة وقرائن جدية على طموح يسكن الرجل بتخطي سقف رئاسة الجامعة والمراهنة على نزال سياسي ثقيل..غير أن الكثيرين يعتبرون أنه أمعن في تجاوز صلاحياته وبات مصدر ازعاج سياسي كبير، والدليل هو أن صدى قراراته وخطواته اشتكاها الكثيرون سرا وعلنا الى رئيسي الجمهورية والحكومة ولكن رئيس هلال الشابة كان الوحيد الذي صرّح بذلك بعد دخوله في نزاع مكشوف الأوجه معه..ولذلك فان كل هذه المؤشرات وارتباطا بحالتي الاحتقان والتطاحن سياسيا واجتماعيا في تونس قد تنذر بتطورات كبيرة يفترض أن تكون كرة القدم مجالا لترييضها ..غير أن جامعة المنزه بقيادة "الدكتور" أمعنت في تسييسها خدمة لمصالح متشابكة ومعقّدة ولأغراض أخرى قد نكتشفها بأكثر وضوح لاحقا..