الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة عندما هاجر 100 ألف إيطالي إلى تونس بحثا عن الخبز والأمن والحرية

نشر في  27 نوفمبر 2020  (18:18)

 في أوائل القرن العشرين كان اتجاه الهجرة بين ايطاليا و تونس عكس ما عليه اليوم اذ حملت القوارب المنطلقة من السواحل الايطالية الى شواطئ تونس أكثر من 100 ألف ايطالي. يسرد هذه الأحداث كتاب بعنوان "ذكريات وقصص من البحر الأبيض المتوسط - تاريخ الهجرة الصقلية في تونس بين القرنين التاسع عشر والقرن العشرين''، ويأتي الكتاب برعاية طبعات MC (باللغتين الفرنسية الإيطالية)، ومن تأليف ألفونسو كامبيزي، أستاذ فقه لغة القصص في جامعة منوبة في تونس، وفلافيانو بيزانيللي، أستاذ مساعد في جامعة مونبلييه، بول فاليري.

في وقت مشابه لوقت الهجرة الحالية من الجنوب إلى شمال العالم، يمكن أن تكون إعادة قراءة صفحة من صفحات تاريخ ايطاليا المعروف قليلا لدى الكثير من العامة مثيرا للاهتمام، وهو تاريخ الايطاليين في تونس. قام الايطاليون، الصقليون على وجه الخصوص، بترك أخدود عميق في تونس مشبعا بثقافتهم وتقاليدهم. وصلوا إلى تونس على متن قوارب بسيطة من سواحل صقلية، جالبين معهم القليل مما كان لديهم.

غادر بعضهم مع بعض من رؤوس الماشية، حيث أنهم أول من قاموا، في الواقع، بجلب سلالة أغنام من صقلية وسردينيا إلى تونس، والتي تتميز بالذيل الكثيف ويطلق عليها بالعربية التونسية اسم ''ليا''، وجلب الآخرين معهم الكروم مباشرة من جزيرة بانتيليريا، وبالتالي هم أول من قاموا بإنتاج نبيذ مسقط، والذي يعرف الآن في تونس باسم ''مسقط دي قليبية''، والبعض الآخر، لم يكن يمتلك أي شيء، فقد جاءوا مع ما كانوا يمتلكونه فقط وهو الرغبة في العمل، والبؤس واليأس، على أمل في حياة أفضل.

هذه هي كلمات الكاتب كامبيزي لوكالة أنسامد، ويقول أيضا أن هؤلاء الناس كانوا من البنائين والمزارعين والصيادين، لكن في الغالب من العمال الكبار، حيث أنهم كانوا يعرفون كيفية بناء وإعطاء الحياة لأحياء بأكملها انتشرت بعد ذلك في جميع أنحاء البلاد، وقد أطلق عليهم اسم ''Petite Sicile''.

ونجحوا في التكامل مع السكان المحليين وخلق لغة مبسطة صقلية-عربية-فرنسية. يتحدث كتاب كامبيزي وبيزانيللي عن "السياح الغير شرعيين" (كما يتم وصف الصقليين من قبل الصحيفة الفرنسية ''Le petit matin'' التي كانت موجودة في ذلك الوقت)، والذين وصلوا في مجموعات كبيرة إلى الساحل التونسي في القرن التاسع عشر وفي القرن العشرين.

إن الأمر يتعلق بالتحليل التاريخي واللغوي والثقافي المثير، والذي يتتبع أثار مغامرات الصقليين الموجودين في تونس والمنتشرين الأن في فرنسا وإيطاليا وأمريكا وكندا، والذين تم إجراء مقابلات معهم حيث قاموا بالتحدث عن رحلاتهم التي قاموا بها من الشمال إلى الجنوب من البحر الأبيض المتوسط.

المقصود من ذلك العمل، في نوايا الكتاب، هو أن يكون نوعا من الشكوى ضد السلطات الإيطالية في ذلك الوقت الذين لم يتمكنوا من السيطرة بشكل صحيح على تدفقات هجرة الإيطاليين الذين كانوا في تونس إلى إيطاليا، والتي عانوا منها بعد استقلال تونس والمصادرة القسرية لأراضيهم، ولذلك قاموا باختيار العودة إلى إيطاليا.

في السنوات التي تلت 1964، وجد الكثير منهم أنه يتم استضافتهم بالفعل في مخيمات اللاجئين قبل وقتها، والتي يعلم القليل جدا من الموجودين في إيطاليا بوجودها فعلا. يسلط الكتاب إذا الضوء على واحدة من أكثر الصفحات الغير معروفة في تاريخ الهجرة الإيطالية.