الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الرأي الحر: من اغتال 500.000 مواطـن عـربي ودمّـر مئـات الـمـدن؟

نشر في  27 أوت 2014  (11:14)

بقلم: محمد المنصف بن مراد


هل تعلم انّ الحركات المقنّعة بالدّين ساهمت أو اغتالت أكثر من 500.000 مواطن عربي وتسبّبت في جرح 600.000 مواطن آخر، وذلك في الجزائر والسودان واليمن والعراق وليبيا وسوريا؟ هل تعلم انّ أكثر من ألف مدينة وقرية دمّرت بصفة شبه كاملة بمؤسّساتها ومستشفياتها وحدائقها ومسارحها ومتاجرها ومتاحفها وأكواخها وحتى مدارسها ومساجدها؟
لماذا في هذه الفترة بالذات؟ لماذا هذا الدمار الشّامل ولمصلحة من؟ من ساند الحركات الدّينية التي تستعمل قناع السياسة في العالم العربي؟ وما هي أهداف المساندين وغاياتهم؟ ما هي البلدان المهدّدة اليوم؟ كم من سنة وكم من مئات آلاف المليارات من مليماتنا سنحتاج إليها لإعمار البلدان المدمّرة وهل نحن قادرون على ذلك بعد أن تحالف الارهاب مع أنظمة غربية وعربية تصدت لنهضة العرب؟ كم من سنة ستظلّ الحرب مفروضة  علينا خاصّة أنّ الخيانات الدّاخلية ثابتة؟
ودون الخوض في التاريخ وعلاقة رجال الدين بالسلطان والسياسة يمكن القول إنّ هناك ثلاثة تيارات، أولها الحركة الاسلامية الشاملة وتسمّى بالإخوان المسلمين وهي تتأرجح بين العنف واستغلال الديمقراطية لفرض برنامجها الدّيني، وثانيها حركة أنصار الشريعة التي ترمي الى تحطيم الدولة المدنية وتطبق الشريعة، وثالثها حركة «داعش» التي تريد فرض اسلام دموي وإن أدى ذلك الى تدمير بلاد وتشريد شعب بأكمله.. وهنا لا بدّ من التذكير بمقولة لرجل المسرح الألماني «براشت» Brecht:
Si le peuple vote mal, il faut le dissoudre et le remplaçer par un autre ويعني بذلك إذا كان تصويت الشعب سيئا، فعلينا «حلّ» الشعب وتعويضه بآخر، وكلّ الحركات الدّينية العنيفة تريد «بعث» شعوب جديدة وجاهلة!
فلا معنى لقيمة الحياة أو الدولة أو المعرفة أو العلم أو الحريات أو حقوق الإنسان أو مكاسب المرأة وحريتها، ولا أيضا للإبداع، فكلّ هذا كفر يجب محاربته وإن أصبحنا من أهل الكهف بالنسبة للمتشدّدين.
انّ الاسلام الموظّف من قبل  الارهابيين لاعلاقة له بالمستقبل إلاّ عبر المقابر والمساجد.. فأينما حلّ كان الخراب والدمار والجهل وكأنّ الظلاميين يريدون جرّ المجتمعات نحو الجاهلية وإعادتها الى بداية التاريخ، في حين تسعى الشعوب المتحضّرة إلى مزيد من التطوّر في العقود والقرون المقبلة.
إنّ الجهل والعنف وعدم احترام الحياة البشرية هي صفات هذه الحركات التي أشعلت نيران الحرب ضدّ الحريات واستقرار الشعوب ونموها وضدّ الفكر والمرأة.. ولقد شهد التاريخ مآسي الحروب العقائدية بحيث نصبت المشانق على غرار ما حدث في الحروب الدّينية في أوروبّا أو التطهير العرقي في كمبوديا أو رواندا.. لقد أصبح البعض منا وحوشا يمتلكون شهائد عليا في التدمير وفنون القتل وعلومه! إنّ الديكتاتوريات المدنيّة العربية أقلّ بشاعة بكثير من النظم الدّينية المتطرّفة..
ولسائل أن يسأل من ساند هذه الحركات الدّينية العنيفة أو الدموية في السّنوات الأخيرة ومن ينتفع بصنائعها؟ ممّا لا يرقى إليه شكّ هو أنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة كانت أوّل مساند لهذه الحركات لأنّها وظفتها ضد الاتحاد السوفياتي ثم تاجرت بها ضدّ النظم العربية المدنية المتشدّدة على غرار تونس ومصر وليبيا وسوريا وحتى ضدّ الجزائر، وهي تعتقد انّ الاسلام السياسي سيكون أقلّ قساوة من النظم القائمة كما انّها (أي الحركات) لن تكون «أرضا» ينطلق منها الارهاب إضافة الى عدم المسّ بمصالح اسرائيل ووجودها! وقد جسّد هذا الموقف الأمريكي قمة السّذاجة السياسية والغباء لأنّ كل الحركات الدّينية هدفها فرض الشريعة في الداخل وفرض السلام في كل بلدان العالم حتى بالعنف اذا استوجب الأمر ذلك!  وهنا لابدّ من الإشارة إلى أنّ داخل الولايات المتحدة الأمريكية تيّارا مؤثّرا يعتبر انّ أكبر خطر على أمريكا هو الاسلام الذي يجب محاربته باستعمال كلّ الوسائل المتاحة بما في ذلك تشجيع حركات دينيّة اسلامية علي ش حروب داخلية ترهق العالم العربي وتكبّله مع الحفاظ على مصالحها النفطية طبعا، مع العلم أنّ هذا التيّار يدعو إلى شنّ حروب استباقيّة ضدّ العرب!
 

أما اسرائيل فهي ضالعة ـ دون شكّ ـ في جرائم هذه الحركات الدّينية المتشدّدة لأنّها دمّرت العراق وسوريا وهدفها الأكبر هو القضاء على حماس وحزب الله اللذين يمثّلان حظرا على مصالحها.. وأمّا أفضل سيناريو بالنسبة للاسرائيليين، فهو أن تشتعل البلدان العربية  بما يعيق كلّ تطوّر فيها ويسمح لاسرائيل بالعيش في أمان.
ثمّ هناك الوهابية التي موّلت وساندت هذه الحركات المتشدّدة لتكتشف في ما بعد أن لهذه الحركات هدفا واضحا ألا وهو تغيير كلّ النظم العربية بمن في ذلك المملكة العربيّة السعوية.. والثابت أنّ كلّ التمويلات  السعودية لمساندة انتشار دين متشدّد ستفرز بعد سنوات أو عقود ارهابيين وحركات عنيفة قد تنسف كلّ النظم.. أمّا دولة قطر التي مولت وساهمت في اسقاط النظم في ليبيا وتونس ومصر فقد تسبّبت في دمار هذه البلدان وهدّدت مستقبلها وذلك خدمة  لمشروع وهمي واجرامي كان وراء قتل مئات الآلاف من المواطنين وتدمير مدن برمّتها.. ولولا ردّة فعل الشعب والجيش المصريّين وصمود الجزائر والمغرب الأقصى لكانت معظم البلدان العربية تحترق الآن! انّ على قطر أن تدرك انّ الحركات الدّينية ستهدّدها في كيانها في السنوات المقبلة إذا انتصرت في عدد من البلدان  وعند ذلك يصدق البيت القائل:ولمّا اشتدّ ساعده رماني...
إنّ هناك حربا شاملة تشنّها أحزاب وجماعات دينيّة وحكومات متطرّفة هدفها التحكّم في العالم العربي ولو أصبح خرابا.
فعلى كلّ الديمقراطيين أن يتّحدوا للتصدّي لهذا التدمير والاجرام السياسي، ولو غباء معظم قادتهم ثابت وسيتسبّب في كوارث منتظرة!