الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية أسرار عن أرشيف عبد الوهاب عبد الله: لو يفتح الأرشيف سيفتضح أمر 70 بالمائة من الوجوه السياسية الحالية بتونس !

نشر في  29 أفريل 2015  (10:51)

عبد الوهاب عبد الله أو «مركع الاعلام» في عهد بن علي، اسم غامض كان يثير الرعب داخل المؤسسات الاعلامية، خوف جعل منه المهندس الأول للمشهد الاعلامي طيلة 13 سنة أي منذ تسميته سنة 1990 مستشارا لدى رئيس الجمهورية .. وقد كانت المهمة الرئيسية لهذا الأخير هي التطبيل وتلميع صورة النظام الفاسد، وذلك من خلال زرعه لمسؤولين موالين له داخل جلّ وسائل الاعلام، وبطبيعة الحال كانت المنح والصفقات الاشهارية توزع على الصحف ووسائل الاعلام الموالية له والطيّعة والتي تنفذ أوامره وتلمع صور$ «عرفه» دون جدال أو نقاش في حين كان الاعلام المعارض محروما من هذه الامتيازات بطبيعة الحال .  
وفي هذا التحقيق سنحاول تسليط الضوء على أرشيف عبد الوهاب عبد الله وأسلوبه في العمل، وتحركاته وغيرها من المعلومات التي وفرتها لأخبار الجمهورية مصادر خاصة نحتفظ بها.. كما لن يخلو موضوعنا من الحديث عن الواقع الحالي ومدى تدخل حاشية القصر في وسائل الاعلام ..

وفق المعلومات التي مدتنا بها مصادرنا، فان عبد الوهاب عبد الله كان يعتمد على 2 «كاميرامان» من مؤسسة التلفزة التونسية ومصورين من وكالة افريقيا للأنباء وهم محل ثقة كبيرة، وقد كانت التلفزة التونسية توفّر وحدة بث ومونتاج كاملة للفريق العامل بالقصر(مازالت موجودة الى حد الآن بقصر قرطاج)، وذكرت مصادرنا أن كل ما كان يجري داخل القصر من لقاءات وزارية الى لقاءات خاصة وحفلات العائلة تصور كلها بهذه المعدات لتحوّل بعد ذلك الى وحدة المونتاج التي يشرف عليها عبد الوهاب عبد الله رفقة مهندس صوت ومصورين و»مونتير» ويقع اختيار بعض الدقائق منها لتحوّل الى مؤسسة التلفزة في حين يتم الاحتفاظ بالبقية داخل غرفة خاصة بالأرشيف، وحسب ما أكدته مصادرنا فإن تلك التسجيلات التي تضم أسرارا خطيرة جدا موجودة حاليا في قصر قرطاج وتحديدا بمكتب «الشعانبي» ورقمه الأمني 20 ..

عبد الوهاب عبد الله وأسرار القصر

وأفادتنا مصادرنا أن قوة هذا الأرشيف تكمن في اللقاءات الوزارية التي كانت تجمع بن علي بوزرائه حيث كانت تذكر خلالها كل المناورات السياسية والخطط الأمنية وغيرها من الدسائس، وقد كان عبد الوهاب عبد الله يحذف كل تلك الأسرار ليكتفي بكلمات لا معنى لها يمدها للمرفق العمومي قصد بثه للشعب خلال النشرات الاخبارية ..
وعلمنا أن عبد الوهاب كان يمنع أي شخص من الاقتراب من مكتب «الشعانبي» الذي يضع فيه كل أسرار بن علي وعائلته ووزرائه، كما كان يشرف على اختيار الصور الخاصة لبن علي وزوجته التي تنشر في الصحف، ليسلم في ما بعد الصور التي اختارها إلى ليلى الطرابلسي ومن ثم يسلمها لبن علي ليؤشر عليها ويقع ارسالها، ومن الطرائف التي أفادتنا بها مصادرنا أنه تم طرد 2 كاميرامان ومخرج تلفزي ومونتير لأن التلفزة مررت صور لليلى بن علي وهي تضع ساقا على ساق ..
وبيّنت مصادرنا أن عبد الوهاب عبد الله كان يوزع ورقة العمل صباحا على الفريق الاعلامي الخاص بمؤسسة التلفزة والذي كان موجودا بصفة دائمة بالقصر ليقع تصوير كل الكواليس داخل قصر قرطاج، وخاصة اللقاءات الخاصة مع معارضيه وبينت مصادرنا أنه لو يتم فتح أرشيف عبد الوهاب عبد الله سيفتضح أمر 70 بالمائة من الوجوه السياسية الناشطة اليوم، وذكرت مصادرنا أن المصورين داخل القصر كانوا يتقاضون أجورا مضاعفة حتى يشتري بن علي صمتهم كما كانوا يتمتعون بامتيازات عديدة.

المقربون من عبد الوهاب عبد الله

ومن بين الطرائف التي روتها مصادرنا أن عبد الوهاب عبد الله اشرف على مونتاج حفل «السابع» لمحمد زين العابدين ابن بن علي الذي صوره فريق خاص من مؤسسة التلفزة في منزل حياة بن علي بحمام سوسة والذي حضرته عديد الوجوه الفنية التي نحتفظ بأسمائها، كما كان فريق التلفزة يصوّر الحفلات الخاصة للعائلة والعروض المسرحية، أما منسق هذه الحفلات فهو اعلامي مشهور ويوصف بالابن المدلل للعائلة .

المرزوقي يرفض تصوير نشاطه الخاص

وذكرت مصادرنا أن الرئيس الوحيد الذي أغلق في عهده «مكتب الشعانبي» هو الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي حيث رفض هذا الأخير عمليات مونتاج نشاطه الرئاسي داخل القصر وأمر بتحويل كل المادة الاعلامية الى مؤسسة التلفزة لتختار ما تمرره، كما كان المرزوقي يرفض تصوير أنشطته الخاصة، هذا وأكدت مصادرنا أن هناك عديد الأنشطة الهامة التي قام بها المرزوقي وتم ارسالها الى مؤسسة التلفزة لتتم صنصرتها ـ والعهدة على من روى ـ

الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية وعودة الهيمنة على الاعلام  

من جهة أخرى كشفت مصادرنا أن مكتب الشعانبي عاد مجددا للعمل منذ دخول الرئيس الحالي للجمهورية الباجي قائد السبسي، ومن بين الأسرار التي اكتشفناها أن الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية عمد صحبة مسؤولين من مؤسسة التلفزة التونسية الى اعادة نفس الفريق الذي اشتغل مع عبد الوهاب عبد الله ونخص بالذكر شخص يباشر مهمة في قسم الأخبار حاليا والذي كان الذراع اليمني لعبد الوهاب عبد الله، وحسب ما بلغنا فان هذا الأخير تمتّع بمنزل فخم في احدى المناطق الراقية مقابل 100 دينار شهريا، مع العلم أن هذا الأخير عمد الى تغيير لقبه ابان الثورة، اضافة الى اعادة مهندس في التلفزة ويتمتع حاليا بخطة رئيس مصلحة في التلفزة وقد تمتع هذا الأخير بمنزل بجهة قرطاج بسعر رمزي ..كما تم اعادة المنسق العام، والذي لا علاقة له بالاعلام حيث أن مهمته الرئيسية هي الاشراف على طاقم النقل،  مع العلم أن عمليات المونتاج الخاصة بالنشاط الرئاسي تجري داخل القصر كما جرت العادة عهد بن علي .
وأسرت لنا مصادرنا أنه تم مؤخرا طرد 2 كاميرامان من قصر قرطاج بعد أن تبين أن هذين الأخيرين يسربان معلومات عن كواليس القصر .. مع العلم أنه يتم اليوم اختيار الفريق التقني من داخل مؤسسة التلفزة التونسية لنقل نشاط الرئيسي ويشترط أن يكون هذا الفريق من الموالين للنظام .
وبلغنا أن قناة تلفزية خاصة تسعى الى تعويض الفريق التلفزي الخاص بمؤسسة التلفزة بفريقها الخاص كما يعمد أحد الشركاء بهذه القناة الى اقحام نفسه في كل التحركات الرئاسية ويفرض اسماء صحفيين بعينهم لمرافقة الرئيس في تحركاته، كما تم مؤخرا وتحديدا في عيد قوات الأمن الداخلي وبالاتفاق بين هذا الأخير والناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية تسوّغ عديد الكاميراهات للتصوير رغم أن التلفزة توفر حافلة بها قرابة 8 كاميرهات على ذمة القصر.

متى تستعيد مؤسسة التلفزة معداتها؟

ومن بين الأمور التي كشفتها مصادرنا أن مؤسسة التلفزة التونسية توفّر معدات باهضة الثمن من كاميراهات الى حافلة خاصة الى اشرطة كاسات الى وحدات مونتاج لتغطية الأنشطة الرئاسية وتوجد داخل قصر قرطاج رغم أنها على ملك مؤسسة التلفزة التونسية، وقد علمنا أن التلفزة التونسية حاولت استعادة هذه المعدات لكنها لم تفلح.
بقى أن نشير الى أن جزءا كبيرا من أرشيف عبد الوهاب عبد الله وأسرار بن علي وكواليس القصر وقع التفويت فيه ولصالح قنوات محلية وعربية زمن المرزوقي.
ختاما، ولئن أكّد نقيب الصحافيين ناجي البغوري خلال تصريحات صحفية عن وجود محاولات للضغط على المؤسسات الإعلامية من قبل المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية فإنّنا نؤكد أنّ الإعلام التونسي بفضل طاقاته الشابة لن يسمح أبدا بالعودة إلي مربع الطاعة كما نؤكد أنّ هذه المحاولات الحالية لا ترتقي أبدا الى الشبكة الأخطبوطية لعبد الوهاب عبد الله...
 

تحقيق: سناء الماجري