أخبار وطنية أبو يعرب المرزوقي يهاجم المفكر عبد المجيد الشرفي ويلوم على الاسلاميين القيام بـ"ستريب تيز" فكري!
ردا على مبادرة مجموعة من المثقفين التونسيين الذين طالبوا بالتأسيس لإطار سياسي ومدني واسع قادر على مواجهة حقيقية وفاعلة لكل المخاطر التي تتهدد البلاد، وعلى ما قاله المفكر عبد المجيد الشرفي خلال برنامج قناة نسمة، نشر أبو يعرب المرزوقي نصا على موقعه الخاص هاجم فيه الشرفي متهما اياه بكونه من حريم بن علي وب"الحثالة"، كما توجه باللوم الى الإسلاميين الذين قال انهم ما يزالون خائفين وقابلين بالموقف الدفاعي والقيام بـ"الستريب تيز" الفكري من خلال التنصل من مرجعياتهم لترضية عملاء الاستبداد والفساد والاستعمار.
وجاء نص أبو يعرب المرزوقي كما يلي: "بلغت الوقاحة بحريم ابن علي أن يعودوا تحت شعار "المثقفين" لتحديد معايير الولاء لتونس فيضعوا شروط الحق في اختيار الأحزاب لمرجعياتها.
وقد شجعهم على ذلك أمران لا بد من الحسم فيهما :
- الأول هو التسليم بأنهم فعلا "مثقفون" يمثلون الحداثة وفكر الدولة المدنية رغم أن جلهم كان من عملاء النظام السابق ومرجعيتهم الستالينية قبل سقوط الاتحاد السوفياتي معلومة للجميع .
- الثاني هو تخلص الإسلاميين النهائي من الموقف الدفاعي. فكم أمقت نزعتهم في الـ"ستريب تيز" الفكري والتخلي المتدرج عن نسبهم المرجعي حتى يرضوا هذه الحثالة من العائشين على فتات موائد النظام السابق.
تفرجت البارحة على فضيحة في نسمة استقدموا "مثقفا" -ما رايته يتكلم إلا في ما لا يعلم- للحديث في ما يعاب عن الإسلاميين عامة.
وسأكتفي بملاحظتين دون أن يكون قصدي الدفاع عن حركة النهضة.
المقصود في بيان "المثقفين" ليس حركة النهضة بالذات بل ما بدأ يرتسم في المشهد التونسي وما اعتبره الحل الوحيد لإخراج تونس من مآزقها كلها أعني :
الصلح بين فرعي الحركة الوطنية التي مثلت الترجمة السياسية لحركة الإصلاح في كل دار الإسلام ومن أهم مراكزها تونس العربية المسلمة رغم أنف هذه الحثالة التي تجادل في حق التونسيين اختيار نسبهم الحضاري.
فتونس ظلت في حرب أهلية حامية أحيانا وباردة اخرى منذ الانفصال الذي حدث في الحركة الوطنية وآن الأوان لتحقيق مصالحة بين التحديث والتأصيل المتحررين من عقد هذه الحثالة التي تسمي نفسها مثقفين والتي تعاني من بقايا الستالينية والفاشية والمستعدة لخدمة أي نظام استبدادي وفاسد حتى تتمتع في آن بسمعة المثقف المعارض وبمزايا العميل الخادم لأنظمة الاستبداد والفساد التي يعتبرونها الآن الرد على الثورة من جنس أنظمة بشار والسيسي وحتى حفتر إلى حد الاشتياق لإرجاع نظام ابن علي.
الملاحظة الأولى أنه نصب نفسه حكما يعيّر التطور الحاصل في فكر النهضة وسلوكها وما عليها القيام به حتى يرضى عنها هو ولفيفه من مثقفي عقاب الزمان.
الملاحظة الثانية أنه فسر تقدم الحركة ليبين أصحاب الفضل فيه وينفي عن النهضة الخيار الإيجابي في ما تحقق من نجاح في المسار الديموقراطي.
صحيح أن محاوره لم يستفد من هذين الخطأين فمكنه من تمريرهما وكأنهما حق لا جدال فيه ودخل معه في حوار منطلقه الموقف الدفاعي.
لذلك فإني أود أن أشير إلى ما يفيده هذان الزعمان من ممثل "المثقفين" لأحدد طبيعة الفكر الذي يمثله صاحبهما إن صح وصف الشعارات الحداثوية بكونها فكرا.
وسأبدأ بالزعم الثاني أي بتفسيره دور النهضة في مخرجات المسار الديموقراطي قبل الانتخابات الأخيرة.
فعندما فسر سلوك النهضة بالخوف من المآل المصري وقع من حيث لا يعلم في فخ القاضي الذي فصل بين المرأتين اللتين ادعتا أمومة طفل.
والطفل هنا هو تونس ومستقبلها والمرأتان هما النهضة التي يتهمها والجماعة التي يعتبرها صاحبة الفضل في المآل.
فهو وجماعته يمثلون الأم المزيفة في هذه القصة الشهيرة.
فالمعلوم أن القاضي وضع فخا مكنه من تعيين الأم الحقيقية والأم المزيفة.
قال القاضي للمرأتين :
لم أجد بينات تمكن من الفصل بينكما.
ولذلك فأنا مضطر حتى لا أظلم ايا منكما لأن أشطر الطفل (تونس) شطرين فأعطي لكل واحدة النصف.
ما يعيبه الشرفي على النهضة هو أنها كانت الأم الحقيقية :
لم ترد النهضة أن تذهب إلى حد الحرب الأهلية في حين أن الأم المزيفة -من يتكلم باسمهم- كانت مستعدة لذلك وهو يعتبرها صاحبة الفضل.
لم يدر أنه هو وجماعته لا قوة لهم إلا ما يستمدونه من خيانة الثورة وخيانة شعب تونس لأنهم يمثلون الأم الكاذبة التي كانت مستعدة للقبول بحل السيسي أي بقسمة الطفل.
فالإسلاميون لو أرادوا الذهاب إلى الغاية فلم يتنازلوا لسال الكثير من الدم.
ويعلم الجميع من كان يمكن أن يكون الغالب لولا خوف الإسلاميين على تونس.
فما حصل في مصر مستحيل في تونس.
فلا الجيش ولا الأمن مع هذه الحثالة التي كانت مستعدة للتضحية بتونس وإدخالها في حرب اهلية فضلا عن كون نسبتهم في الشعب التونسي لا وزن لها لولا خيانات قيادات الاتحاد الذين يستغلون الطبقة الشغيلة ضد مصلحتهم ومصلحة الوطن.
كان من المفروض الرد عليه بأن النهضة تنازلت لحفظ تونس لعلمها أن الأم الدعية المقابلة لها مستعدة للتضحية بتونس وبشعبها
والكثير ممن كان مشاركا معهم ولم يذهب هذا المذهب اعترف بما كانوا ينوون القيام به.
ألم يقولوا إنهم لا يتورعون من إراقة الدماء ولو بلغ الأمر إلى التضحية بعشرين ألف تونسي؟
هو إذن من حزب السيسي.
وها هم قد عادوا إلى نفس التهديد حتى بعد أن تبين فشل مثالهم الأعلى أي السيسي وعجز العملاء على ربح أي معركة في البلاد العربية ديموقراطية كانت أو صدامية عندما يضطر إليها الإسلاميون حتى لو جاءتهم كل جيوش العالم رديفا.
ولنمر إلى الزعم الأول وهو بيت القصيد.
وفيه اللوم الأشد لا يقع عليه بل على الإسلاميين الذين كما أسلفت ما يزالون خائفين وقابلين بالموقف الدفاعي والقيام بـ"الستريب تيز" الفكري من خلال التنصل من مرجعياتهم لترضية عملاء الاستبداد والفساد والاستعمار:
إذ إن أصحاب هذا الزعم لا قوة لهم إلا باعتمادهم على السند الاستعماري كما تبين صراحة من حواري في فرنسا 2 مع ممثلتين لتيارهم وكيف نهرهما النزهاء من وزراء فرنسا إذ بينوا لهما أن تونس بلد مستقل ولم تعد مستعمرة حتى يتدخلوا كما تطالبان.
كان من المفروض الا يتنصل الإسلامي من مرجعيته وأن يضع السؤالين التاليين على كل من يطالبه بذلك ليبين أن هؤلاء "المثقفين" لا يستحون:
أولا : هل أنتم بلا مرجعية؟ وما هي مرجعيتكم وما الذي يجعلها تونسية خالصة بالمقابل مع مرجعيتي التي تتهمونها في تونسيتها؟
ثانيا : لو قارنا نسبة مرجعيتكم إلى تاريخ تونس وثقافتها وقيمها بنسبة مرجعيتي إليها هل أنتم أكثر تونسية منا أم نحن أقرب إليها منكم؟
لكن هذين السؤالين مرة أخرى يقتضيان أن يتخلص الإسلامي من موقف رد الفعل والتكتيك السخيف.
فهؤلاء لن يعترفوا بك حتى لو خلعت كل ثيابك وحتى جلدك.
ولعل أفضل من عبر عن موقفهم بكامل الصراحة هو ابن بريك في إحدى شطحاته الثقيلة.
أما التفاقه ودعوى الكلام باسم الحداثة والمدنية من قبل الكذابين الذين يمثلون التقية فلا ينبغي أن نوليها اي أهمية.
يكفي أن تعلم أن كل هؤلاء "المثقفين" المزعومين كانوا خدما للنظام بالأفعال ومعارضين له بالأقوال وأغلبهم طبالة يطبلون من وجهي الطبل :
لهم سمعة التقدمية وفائدة الرجعية. يكفي أن تنظروا من كانوا معلمي التثقيف في الحزب الحاكم والمستشارين والمتنفذين في الثقافة والتربية والإدارة والاتحاد والإعلام الذي ليس له من وظيفة إلا تزيين الشين.
والنظام يقبل منهم المعارضة الكلامية لأنه يحتاج إليهم في الغرب شهادة له بالانفتاح والتعددية التي من جنس معارضة حزب المسار.
وكان من المفروض أن يعكس الإسلامي منطق المناظرة والحجاج إذا كان واثقا من نفسه وخاصة بعد الثورة حيث أصبح الشعب قادرا على التعبير عن إرادته.
فهو الحاضنة الوحيدة للقوى السياسية المعبرة عنه.
ولا وزن لهؤلاء المتنمرين والانقلابيين المتحالفين مع الاستبداد والفساد.
فأدعياء الحداثة والمدنية هم في الحقيقة بقايا متردم الفكر الشيوعي الفاشي والستالينية التي لا تؤمن لا بالدولة المدنية ولا بالحكم الديموقراطي بل هي تؤمن بالاستئصال المعتمد ليس حتى على قوة الدولة بل على التدخل الاستعماري كما رأينا ذلك في الجزائر في نهاية القرن الماضي وفي مصر بعد 30 جوان وفي سوريا التي يؤيدون فيها تدخل إيران ومليشياتها وبوتين وعسكرياته".
ويذكر أن مجموعة من المثقفين أصدرت بيانا طالبت فيه بالتأسيس لإطار سياسي ومدني واسع قادر على مواجهة حقيقية وفاعلة لكل المخاطر التي تتهدد البلاد. ومن بين الموقعين على البيان نذكر: عبد المجيد الشرفي جامعي وآمال قرامي جامعية ويوسف الصديق فيلسوف وفريدة فوزية الشرفي جامعية والصادق بلعيد جامعي وألفة يوسف جامعية وفاضل الجعايبي مخرج مسرحي وسلوى الشرفي جامعية وعلي المحجوبي جامعي ومنية بن جميع جامعية والعربي بوقرة جامعي.