الصفحة الرئيسية  أخبار عالميّة

أخبار عالميّة مراسلة خاصة من لبنان: حزب الله.. دولة داخل الدولة في لبنان، معها يبني ويحمي

نشر في  27 جويلية 2016  (16:53)

بقلم الأستاذ عفيف البوني
بعد سنين طويلة، زرت من جديد لبنان، هذه المرة اقتصرت زيارتي على الجنوب حيث كان قد حصل اﻹجتياح ثم اﻹحتلال اﻹسرائيلي لمساحة تمتد من الغرب بحرا على امتداد 70 كلم حتى الجوﻻن غربا، وبعمق عرضه 15كلم. زرت عيتا الشعب، مارون الرأس، بنت جبيل، راميه، خلة وردة حيت تم أسر الجنديين اﻹسرايليين في 12/2006، وزرت وادي الحجار قرب القنيطرة المحتلة حيث حصلت مجزرة الدبابات اﻹسرائيلية، حوالي 40 دبابة دمرتها المقاومة اللبنانية في يوم واحد، زرت صديقين، جبل البطم، زبقين، طير دبا موطن الشهيد الكبير عماد مغنية، وزرت البازورية موطن السيد حسن نصر الله، وزرت مقبر شهداء قانا، وقرأت الفاتحة على أرواحهم.
 
تجولت في كامل الجنوب حيث توجد قوات اﻷمم المتحدة (القبعات الزرقاء) بآليتها البيضاء لمراقبة وقف إطلاق النار. في الحنوب غالبية السكان من الطائفة الشيعية الكريمة، وتوجد مدن وقرى وأحياء بها الطوائف اﻷخرى من السنة أو من المسيحيين.
 
التعايش بين الطوائف حالة متأصلة وثابتة في كامل الجنوب، وسياسيا الحزب اﻷكبر انتشارا ونفوذا وتجذرا هو حزب الله، ومع أنني كمسلم أؤمن أن الله ﻻ يحتاج الى من يدافع عليه، أو من يستعير اسم الله كي يتسمى به سياسيا، فإن حزب الله اللبناني قد أحدث سياسيا وعسكريا تحوﻻ تاريخيا نوعيا في لبنان وفي الصراع مع اسرائيل، هذا الحزب لم أشاهد له وجودا بشريا وﻻ مقرات، شاهدت أعلامه، وصور شهدائه وزعمائه وبعض زعماء إيران الدينيين والسياسيين الذين دعموه بكل اﻷشكال، هذا الحزب موجود بقوة في الفضاءات الدينية والخيرية واﻹجتماعية، وتحت اﻷرض وفي كل مكان موجود عسكريا، ووجوده هذا تعلمه الدولة وﻻتعرفه، كما تعلمه اسرائيل وتجهله.
 
حزب الله في لبنان، دولة داخل الدولة، حزب مسلح، فرض نفسه على الدولة، ليس كمنافس أو متمرد ضد القانون، بل كحزب مسؤول وطني وضع لنفسه مهمة رفع المظالم عن الطائفة الشيعية في لبنان جراء ما عانته من تهميش وتفقير وتجاهل، وكذلك مهمة تحرير الجنوب من اﻹحتلال اﻹسرائيلي حيث عجزت الدولة عن التحرير، وهو ما حصل عبر المقاومة عام 2000، حيث انسحب أقوى جيش في المنطقة لعدم قدرته على ما تعرض له من استنزاف.
 
 
ثم إن حزب الله بعد سنة 2000 استشرف ونفذ ما يحتاجه لبنان والجنوب والشيعة أي توفير عناصر الحرية والتعايش واﻷمن والتنمية لكل اللبنانيين والجنوبيين عبر ما أنجزه من منظومة دفاعية عسكرية متنوعة ورادعة ومخفية ﻻتعرفها حتى الدولة وذلك لرد العدوان اﻹسرائيلي ان حدث، ولنقل نشاط الدفاع الى هجوم على اسرائيل من أقصى الشمال حتى حدود غزة عبرالصواريخ وغيرها، هذا الحزب حقق ﻷول مرة اﻷمن والسلام للجنوب وللبنان، حتى أن اسرائيل ﻻ تخشى اﻻ الخطر من جهة الجنوب اللبناني ﻷنها ﻻتعلم مكان وجوده وﻻحجمه وﻻ وقت حدوثه ويعجز جيشها وساستها عن التوقي منه أو عن تحييده قبل وقوعه كما حصل مع إنهاء المقاومة الفلسطينية وحزب الله في لبنان وخاصة في الضاحية الجنوبية لبيروت.
 
وفي الجنوب، هو عمليا يقموم بوظائف وزارات الدفاع واﻷمن والتنمية، الى جانب الوزارات الرسمية في هذا المجال، هو ينافسها في البناء ويزودها بالمعلومات، ﻻ يحد من سلطتها وﻻ يطبق القانون نيابة عنها او تحديا لها، ويرجع الفضل في ذلك إالى رشد قيادتها واستفادتها من أخطاء المقاومة الفلسطينية ومعاناة كل اللبنانيين من ويلات الحرب اﻷهلية المدمرة، وفي مقدمة من استخلص الدروس والعبر واستشرف المستقبل ويقود هذا الحزب، رئيسه السيد حسن نصر الله، وﻻبد أن أشير الى ما لعبته إيران من الدعم السياسي والديني وخصوصا المالي الضخم الى حزب الله والشيعة والجنوب، وهنا التقت عدة مصالح وإيرادات، فكان ما ذكرنا، وفي أحداث وبلدان أخرى، كان ﻹيران أدوار أخرى.
 
تمنيت أن نعامل في تونس شهداء الوطن كما رأيت صور الشهداء في لبنان، وتخيلت أنه قد يأتي يوم في تونس وتتخلى احزاب تونسية تنطق باسم الدين، عن لغة التكفير وعن سلوك عدم التسامح وعن الكراهية المقيتة لكل ماهو مختلف أو مخالف.
في  مدينة قانا، جنوب لبنان 24 جويلية 2016