ثقافة الإعلامي لطفي حجي يتحدث عن كتابه "اسلام السلطة واسلام الجماعة : محنة أمّة"
"اسلام السلطة واسلام الجماعة .. محنة أمة" هو عنوان الكتاب الجديد للصحفي، ومدير مكتب قناة الجزيرة بتونس لطفي حجي، وفي تقديمه لهذا المولود الفكري الجديد خلال ندوة صحفية عقدت صباح الاربعاء 28 فيفري بمقر النقابة الوطنية للصحفيين، أكد الحجي أن كتابة هو محاولة لمناقشة القضايا الاسلامية المطروحة في الساحة التونسية دون مزايدات سياسية، مضيفا أن بلادنا شهدت بعد الثورة عديد النقاشات حول قضايا دينية لكنها لم تحسم بعد، على غرار قضايا التكفير والفضاء الديني ومراجعات الحركات الاسلامية اضافة الى مدى جدية هذه المراجعات، وقدرة هذه الحركات على الاندماج في المسار السياسي الديمقراطي الذي انطلقت فيه تونس وفقا للدستور الجديد .
وأشار لطفي الحجي الى ان عديد النقاشات التي تم تناولها سرعان ما انقطعت لأن الهدف منها كان مجرد توريط بعض الأطراف السياسية، دون التوغل فيها، مبينا أن وسائل الاعلام والنخب السياسية والفكرية مطالبة اليوم بمناقشة هذه القضايا بعمق بعيدا عن التصفيات السياسية، كما وضح الحجي أن الحركات الاسلامية التي تبنت قراءات معينة للدين يمكن ان تتغير او يندثر بعضها لكن الدين والمسائل الاسلامية هي مستقبل المجتمع، وبالتالي السؤال المطروح اليوم هو كيف يمكن مناقشة هذه المسائل لتجنيب الشباب التونسي تبني الفكر التكفيري المتطرف والمشاركة في المحارق الخارجية على حد تعبيره .
وأكد لطفي الحجي أن الادانة وحدها لا تكفي اليوم بل لا بد من نقاش عميق في هذه المواضيع الحارقة والبحث في الأسباب التي تدفع الشباب الى تبني هذه الافكار الظلامية، موضحا أن المدرسة التونسية طالما كانت ضد التكفير وهو ما تطرق له في كتابه حيث بين كيف ان علماء تونس ردوا بقوة على رسالة محمد عبد الوهاب التي كفرهم فيها، واكدوا له ان فكره الوهابي لا يمت للاسلام بصلة وأن الاسلام يحث على حرية المعتقد وعدم تقاتل المسلمين فيما بينهم، وأكد الحجي ان التراث الديني التونسي ثري ومن المهم اليوم الاستفادة منه .
من جهة أخرى رأى صاحب "اسلام السلطة واسلام الجماعة .. محنة أمة" أن بعض وسائل الاعلام اليوم تستضيف شخصيات تتحدث عن الدين والاسلام دون دراية او عمق مقابل تغييب اطراف لهم من الدراية ما يكفي لمناقشة المسائل الدينية .
وردا على سؤال موقع الجمهورية حول العنوان الذي قد يعتبره البعض مستفزا حيث يتبنى ضمنيا وجود اكثر من اسلام اليوم، أجاب الحجي أنه خصص فصلا كاملا في كتابه للحديث حول هذا الموضوع بعنوان "الاسلام الواحد والأفهام المتعددة"، مبينا أن عديد الحركات اليوم تعتمد حديثا للرسول الأكرم الذي تحدث فيه عن وجود 73 فرقة، ستنجو منها فرقة واحدة، وبالتالي تعتبر كل فرقة أنها هي الفرقة الناجية وان اسلامها هي الصحيح، وهو سبب الاقتتال فيما بينها، موضحا انه ذكر في كتابه ان النص القرآني واحد لكن المفاهيم متعددة ولا بد من أن تتعايش هذه المفاهيم مع بعضها بعيدا عن التعصب والاقتتال.
و حول أهمية طرح هذا الموضوع اليوم والحال أن تونس تجاوزت مرحلة الخلاف حول المسائل الدينية، قال الحجي انه على المستوى السياسي يبدو أن تونس توصلت الى مرحلة الوفاق في هذه المواضيع لكن النقاش الجدّي حول الاسلام لم يفتح بعد مؤكدا ان تونس حققت خطوات هامة في مسائل متعددة كاسترجاع المساجد وازالة الفكر المتطرف لكن النقاش الفكري العميق في عديد المسائل الدينية لم ينطلق بعد .
واكد الحجي ان الكتاب هو اهداء لكل النخب وهو عبارة عن مطالبة بفتح حوار ثري وعميق، لأن عديد المواضيع المتعلقة بالجانب الديني لم تستطع بلادنا حسمها طيلة 7 سنوات رغم ما توفر من حرية وتعدد المنابر الاعلامية، موضحا أن قضايا الاسلام تطرح كلما كانت هناك عمليات ارهابية او مزايدات سياسية لاقامة الحجة على حزب سياسي لا غير، مؤكدا ان هذه المزايدات السياسية والايديولوجية عطلت مسار النقاش الجدي، وأن كل ما عشناه هو كاريكاتور ديني على حدّ تعبيره .
سناء الماجري