ثقافة الفنان عماد عليبي: مــن الـمفـارقـات أن أعتلي ركح أعرق المهرجانات في العالم، بينما تتجاهلني المهرجانات التونسيّة!!
«سفر» هو عنوان الألبوم الذي أصدره مؤخرا الفنان عماد العليبي أصيل المكناسي والمقيم بفرنسا منذ سنوات.. حول هذا العمل الفني الذي يمزج بين الإيقاعات البدوية والروك والقناوة، كان لنا لقاء مع عماد العليبي الذي حدثنا عن خصوصية عمله الفني الذي يمزج بين الثقافات والموسيقات العالميّة مشيرا الى الصّعوبات التي يلقاها وعن أمله في أن يقدّم باكورة انتاجه للجمهور التونسي...
لو تحدّثنا عن انطلاقتك، كيف كانت؟
ـ انطلاقتي في الحياة كانت من المكناسي حيث درست الابتدائي والثانوي قبل ان انتقل الى تونس العاصمة حيث درست اللغة الانقليزية بالمعهد العالي للغات الحية بحي الخضراء، ومنها الى فرنسا حيث انطلقت مسيرتي الفنّية كعازف ايقاع.. وقد كان حلمي عندما كنت في المكناسي هو أن أصبح أستاذا لأساعد العائلة.. ورغم قساوة الظروف، تمكنت مع الصديق مراد الرداوي من رفع التحدّي ومن تحقيق الحلم الفنّي الذي سكننا منذ صغر سنّنا.. ولا أخفيكم سرّا انني كنت اتّخذ من الكراسي آلتي الموسيقية في ظلّ غياب التجهيزات..
أصدرت مؤخّرا ألبوم «سفر»، فهل من فكرة حول هذا العمل الذي يلقى رواجا هامّا في انقلترا؟
ـ «سفر» هو رحلة موسيقيّة في الزمن والجغرافيا، اذ يشمل ايقاعات تونسية ـ مغاربيّة وأخرى من الهند وإيران وتركيا والبلقان.
ويمكن القول انّ هذا الألبوم هو خلاصة لعشرية سافرت خلالها كثيرا والتقيت فيها بموسيقيين وبثقافات موسيقية متشاكلة .. وقد صغت الثراء الموسيقي الذي تلقحت به في قالب ألبوم موسيقي لا يعترف بالحدود ولا بالخصوصيات بل ينطق بكل الايقاعات ويمزج بين البدوي والرّوك والالكترو وغيرها...
وقد شاركني في هذا الألبوم عازف الكمنجة زياد الزواري وعازف القيتارة جاستين أدمس وعازف الجاز ميشال مار.. أما على مستوى الأداء فشارك في «سفر» كلّ من آمال المثلوثي ومنير الطرودي.
ذكر أحد النقاد انّ عماد عليبي كتب في ألبوم «سفر» القصة الجديدة لموسيقى العالم العربي في القرن 21، فهل تشاطره الرأي؟
ـ في الواقع استجاب الألبوم لنضارة موسيقية جديدة تنهل من الثقافات وتذهب الي أبعد منها في عمليّة توليد ايقاعيّة فريدة من نوعها، وأغنية Pour quelques dinars de plus مثلا اعتمدت فيها على ايقاع «البطايحي» الذي يستعمل في الحضرة التونسيّة مع الالكترو والقيتارة والقانون والايقاع الكردي، امّا أغنية «بونوارة» فجمعت بين الايقاع البدوي والرّوك..
ويمكن القول انّ أعمالي هي أيضا نتاج لمشاريع بحث أنجزتها حول العلاقة بين الايقاع والمدينة، فلماذا الفزاني في تونس، ولماذا الفلامنكو في اسبانيا ولماذا القناوة في المغرب؟
وهل سنرى عماد عليبي ومجموعته في المهرجانات التونسية هذه الصائفة؟
ـ لقد قدّمنا عددا من المطالب لبعض المهرجانات (قرطاج والحمامات وصفاقس والزهراء)، ونحن بصدد انتظار الردود، ولكن يبدو انّه من الصعب ان تصعد على «ركح تونسي» واسمك غير معروف وإن كان انتاجك الفنّي مميّزا. ولعله من مفارقات الزّمن، انّي لست معروفا في بلدي لكنّي مطلوب في الخارج وسأعتلي يوم 26 جويلية القادم ركح مهرجان Womad بأنقلترا مع يوسو ندور ومانوديبانقو.. كما أنّ لديّ جولة موسيقية انطلاقا من شهر أكتوبر القادم، ستقودني الى كل من البرزايل والجزائر والمغرب..
وهل لاحظت أو لمست تغيّرا على المستوى الثقافي بعد الثورة؟
ـ رغم كلّ ما يمكن ان يقال فأنا متفائل لأنّ هناك ضربا من القطيعة مع الماضي، وأعتقد اننا بحاجة اليوم الي تغيير فعلي على مستوى الإدارة والهياكل، اذ انّ La vieille garde est toujours là العسس القديم مازال يتحكّم ويفرض كلمته بينما نحن بحاجة لنفس شبابي جديد والى دعوة الطاقات الشابة الى المساهمة في البناء الجديد..
وكأنّك تقول إنّ تونس لم تعرف بعد الثورة الثقافية؟
ـ علينا تحرير الثقافة من قيودها القديمة ومن تلك المنظومة المتآكلة التي انتهت صلوحيتها.. على كل يبدو لي انّ الثورة الثقافية لم تنجز بعد وعلينا الاسراع بانجازها لأنّها تحمينا من الارهاب، وهي التي تسمو بالذوق العام وتفتح الآفاق.. مع الأسف ركزنا على كليشيات الثورة وميّعناها بقضايا هامشية لا ولن تتقدّم بنا.. علينا اليوم ان ندعم لا مركزيّة الثقافة وان نتخلّى عن العقلية الاقصائيّة وأن نفتح المجال أكثر لنشاط جمعيات المجتمع المدني التي برهنت على قدرتها على تقديم مبادرات ثقافية مميّزة.. وعلى الدولة أيضا ان توفّر في الجهات دور سينما ومسارح صغيرة وتشرّك الشباب التونسي المنفتح على اللغات وعلى الثقافات...
حاورته: شيراز بن مراد