الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة "بحيرة البجع" في افتتاح مهرجان قرطاج الدولي : هل كان بالامكان أفضل مما كان ؟

نشر في  12 جويلية 2019  (22:52)

11 جويلية 2019، دبت الحياة مجددا بالمسرح الروماني بقرطاج، حيث كان الجميع على أتم الاستعداد لاعطاء شارة انطلاق فعاليات الدورة 55 لمهرجان قرطاج الدولي، وعلى غير العادة وقبل ساعات من بداية عرض الافتتاح تحول جمهور غفير الى المسرح الأثري لاـ فقط ـ حبا في أشهر عروض البالية الكلاسكية "بحيرة البجع" لشايكوفكسي والذي يقدم لأول مرة في دولة افريقية، بل حبا في المنتخب التونسي الذي تزامن لقاءه مع منتخب مدغشقر ضمن ربع نهائي كأس أمم افريقيا مع افتتاح مهرجان قرطاج، وهنا نشير الى أن ادارة المهرجان تكفلت بنقل المباراة عبر شاشة خلفية عملاقة.

جمهور استثنائي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، رفع الأعلام عاليا وأدى أهازيج الملاعب، رقص وانتشى بترشح تونس للنصف النهائي لكأس افريقيا للأمم بثلاثية نظيفة ضدّ مدغشقر، ثم التزم الصمت احتراما لباليه "سان بيترسبورغ " الذي اعتلى ركح المسرح الأثري بعناصره الأربعين مع تمام العاشرة وعشرين دقيقة.

عرض حضره اضافة الى جمهور في غاية الرقيّ كل من وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين وعدد من أعضاء الحكومة ونواب الشعب وسفراء دول معتمدين بتونس، تابعوا ـ جميعاـ و بانتباه شديد فصول رواها باليه "سان بيترسبورغ " بملابسه المميزة وحركاته المتناسقة، وانسجام عناصره .

 

لوحات راقصة روت بحرفية شديدة، قصّة قادمة من التراث الشعبي الروسي ورغم بعض التغييرات الطارئة على فحوى هذه القصة فانها حافظت على موضوعها الرئيسي والذي يروي مأساة الأميرة أوديت التي تم تحويلها إلى بجعة من قِبل مشعوذ شرير بواسطة لعنة ألقاها عليها، هذه الأميرة التي تستعيد شكلها كانسانة في الفترة الممتدة من منتصف الليل الى غاية الفجر، في الأثناء يقع أمير يدعى سيجفريد في حب أوديت وذلك خلال الاحتفال بعيد ميلاده الواحد والعشرين ويكتشف الأمير أن البحيرة المحاذية لقصره هي بحيرة تكوّنت من دموع والدتها، وهنا نشير الى نهاية هذه القصة اختلفت من نسخة الى أخرى حيث انتهت القصة الأصلية بموت الأميرة أوديت لكن وفي عروض أخرى تم تعديل هذه القصة كما هو حال العرض الي تم تقديمه في افتتاح الدورة لمهرجان قرطاج الدولي وكانت النهاية سعيدة حيث اجتمعت الأميرة أوديت بالأمير سيجفريد لتنكسر اللعنة الملقاة عليها.

"بحيرة البجع" إحدى روائع الموسيقار الروسي "تشايكوفسكي" والتي ألفها سنة 1887 قدمت للمرة الأولى على مسرح البولشوي بموسكو في مارس 1887، ثم قدمت على مسارح عالمية مختلفة حيث تجاوزت نسخها المعروضة أكثر من مائة نسخة، من بينها التي قدّمتها فرقة سان بيترس بورغ مساء الخميس 11 جويلية في عرضها الإفريقي الأول على ركح قرطاج.

 

وعلى مدار ساعتين ونصف تخللها استراحتان بعشر دقائق، تابع جمهور قرطاج 4 لوحات راقصة، نفذها 40 راقصا على ايقاع موسيقى تسجيلية، وهنا نشير الى أن العرض الذي قدم في افتتاح مهرجان قرطاج لم يكن متكاملا حيث تم تقديمه دون عناصر الأركسترا، ودون العناصر السينوغرافية المكونة للعرض، ولئن برر المدير الفني "لبحيرة البجع" هذا الغياب بكون العرض يقدم في فضاء مفتوح ومناخ حار وهو ما من شأنه أن يؤثّر على الآلات الموسيقية ومردود العازفين، اضافة الى ارتفاع تكلفة شحن الديكور، فان هذا النقص أثر وبشكل كبير على عرض الافتتاح فالاكتفاء بعناصر الباليه دون عناصر الأركسترا وبصور للقصر وأخرى للبحيرة عرضت على شاشة خلفية عملاقة أفقد العرض طابعه وميزته وبهرجه، رغم الحرفية العالية لبالية "سان بيترسبورغ " في اداء مختلف اللوحات، وهو ما يدفعنا الى القول ان عرض "بحيرة البجع" بهذه الامكانات في افتتاح الدورة 55 لمهرجان قرطاج الدولي لم يكن قرارا سليما ولا يليق بمثل هذا الحدث الثقافي، وكان من الأجدر برمجته في أي سهرة من سهرات الدورة عدى الافتتاح.

ختاما لا بد من الاشارة الى أن عرض "بحيرة البجع" ورغم طولة مدته الزمنية، فانه تمكن وبكل الهينات التي سبق وذكرناها من شدّ جمهور قرطاح الذي لم يغادر المدارج الا بانتهاءه...

سناء الماجري