ثقافة في حوار خاص: بُشرى السّلطاني تتحدّث عن تجربتها في "الليالي البيض"، وتعِد الجمهور بمفاجأة سارّة: "انتظروني في مسلسل يحيى الجيْ"
نشر في 26 أفريل 2021 (21:45)
شاءَت الأقدار أن تدخل الممثّلة بشرى السّلطاني عالم النجوميّة من أوسع الأبواب، وحقّقت في سنّ مبكّرة شهرةً واسعةً بلغت الآفاق، كيف لا وقد حقّق دورها في مسلسل «الليالي البيض» عام 2007 نجاحاً باهراً وشغلت به انتباه التونسيّين على مرّ السّنين.
ولئن آثرت التلفزة الوطنيّة التونسيّة إعادة هذا العمل الذي أمّنَ إخراجه الحبيب المسلماني، في عديد المناسبات، بطلبٍ وإلحاح شديديْن من المتابعين، فإنّ الممثلة بشرى السّلطاني لازالت تمنّي النفس بدور جديد ومختلف تماماً عن شخصيّة «درصاف» التي علقت في الأذهان.
عن جديدها الفنّي في مجالات الإبداع المتعدّدة، والمفاجأة السّارّة التي تعد بها المشاهدين خلال النصف الثاني من شهر رمضان، فضلاً عن تجاربها السابقة ومواضيع أخرى ذات صلة، كان لِـ بشرى السّلطاني حديث مع موقع الجمهورية، ندعوكم لمُطالعتهِ، على أمل أن ينال استحسان قرّائنا الأفاضل.
- علِمنا أنّكِ تشاركين هذا الموسم بطولة عمل تلفزي، لو تكشفين لنا معالمهُ؟
بالفعل، سيكون لي شرف الحضور في سلسلة كوميديّة ساخرة من نوع «الكوميديا السوداء» تحمل عنوان "يحيى الجيْ" وتجمع لفيفاً مختلطاً بين مُمثّلين من ذوي التجربة وشباباً صاعدين، لكن القاسم المشترك بين جميعهم هو التشبّع بالمسرح وإيمانهم بضرورة تكثيف ومُراكمة التجارب حتى تتغذّى خبراتهم وتُلامس مسيرتهم المتحرّكة على مهل الثراء الفنّي المنشود.
وعن سلسلة «يحيى الجيْ» فهيَ رسالة ذات جدوى بالأساس، يُحاول المشرفون على تنفيذها نصّاً وإخراجاً، معالجة مواقف اجتماعيّة وإدراك كُنهها وجوهرها بأسلوبٍ ساخر، والغاية من ذلك إبراز عقيدة الإصلاح وإظهار ملامح التغيير والمحاولات الرامية إلى تحقيق ذلك، من خلال أحداث متناسقة تدور رحاها في إطار مُضيّق أو خاص إن شئنا.
- ماذا عن أجواء العمل والظروف المحيطة به؟
أنهينا تصوير كامل الحلقات بعد جهد جهيد وتحدٍّ جامح من الفريق التقني الذي أبى إلّا أن يتجاوز الصعوبات ويتلافى العراقيل من أجل إتمام عمليّات التصوير والانشغال بآخر التحضيرات واللّمسات، حتّى تكون الصيغة النهائيّة للعمل جاهزة وترى النور في أبهى حلّة.
وحتّى أكون صادقة مع نفسي أوّلاً، فإنّ سلسلة «يحيى الجيْ» مغامرة بما تحمله الكلمة من معانٍ، إذْ جازفَ المخرج بمعيّة صاحب السيناريو، دون إمكانات ماديّة كافية، بل تكاد تكون منعدمة، نظراً لشحّ الموارد الماليّة وغياب جهة إنتاجيّة تتولّى تبنّي العمل برمّته... كنّا نأمل أن نستغلّ أكثر أماكن ممكنة للتصوير ونتوغّل في ثنايا الخارطة التونسيّة الغنّاء ونسبر أغوار مناطقنا الجميلة، إلّا أنّ الظروف حالت دون ذلك وإكراهات الوضع الوبائي أيضاً جعلتنا نحدّ من تنقّلاتنا ونكتفي بما هو متاح وممكن.
- بعيداً عن «يحيى الجيْ» هلْ سنرى بشرى السّلطاني في أعمال وإنتاجات أخرى؟
لدي عديد الأعمال القيّمة، أذكر من بينها، المسلسل الإذاعي المنصف باي ويبثّ على أثير الإذاعة الوطنيّة، وهي تُعدّ التجربة الثانية لي أمام مصدح الإذاعة، وأودّ أن أنوّه بهذا المنتوج الرّائع الذي جمع صفوة النخبة من رموز المجال الإبداعي في بلادنا، وأنا جد محظوظة بتواجدي وأعتزّ بتجربة نوعيّة كهذه.
كما لا تفوتني الإشارة إلى أنّني بصدد الإعداد لعمل مسرحي رفقة الصحبي عمر وثلّة من الأصدقاء، كما تنتظرني إطلالة مهمّة في شريط سينمائي أجنبي، من المزمع بدء تصويره في غضون الفترة المقبلة.
- لا أحد ينكر فضل مسلسل "الليالي البيض" في أن عرّف بموهبتك لدى جمهور الشاشة الصغيرة، هل يجوز القول إنّ بشرى السّلطاني ظلّت حبيسة دور "درصاف" ولم تتمكّن إلى اليوم من إثبات مقدرتها في التلوُّن من شخصيّة إلى أخرى؟
أقولها بالصّوت العالي، ليس لنا مخرجون شجعان قادرون على إخراجي من نفس القالب الذي ظلّ يُلازمني منذ شخصيّة «دردورة» التي تقمّصتها بإجادة وإتقان، باستثناء قلّة قليلة، كَـ سوسن الجمني والأسعد الوسلاتي، وهما متميّزان في نظري ويمتلكان كل القدرة والجرأة على النجاح في المهمّة... وغالبيّة العروض التي وصلتني كانت كلّها تصبّ في ذات الدور الذي لعبتهُ وعُرفت به...
أنا أكاديميّة متمرّسة ولست متطفّلة على الميدان، فـ بالإضافة إلى أنّني مكوّنة مسرحيّة، انطلقت مسيرتي في عالم الفنّ الرّابع منذ نعومة أظفاري وأنا لم أتجاوز سنّ الـ 12 ربيعاً، فـ هل يُعقل أن يتمّ حصري في نمط معيّن وفي جرابي موهبة كامنة لم يتمّ توظيفها واستثمارها على الوجه الأمثل!
- قراءَتك لمستوى الإنتاجات الرمضانيّة هذا الموسم، وهل من عمل استثنائي حاز إعجابكِ؟
صدقاً، لم أتمكّن من مشاهدة أيّ عمل تلفزي، بحكم انشغالي بالتحضير لجديدي المسرحي والعُكوف على إجراء "البروفات" بعد الإفطار، لكنّي حتماً سأتدارك ما فاتني لاحقاً... وعلى الرغم من ذلك، بلغتني أصداء إيجابيّة للغاية عن بعض الإنتاجات، وأُبارك لكافّة الزميلات والزملاء على نجاحهم وحتّى شرف المحاولة والاجتهاد فهو بمثابة النجاح أيضاً.
- ماذا يَعوز المنتوج الفنّي التونسي حتّى يتجاوز عتبة المحليّة ويذيع صيته بين أعتى الأمم الرائدة في مجالات المسرح والسينما والدراما المرئيّة؟
لا يَعوزنا سوى التمويل والإرادة السياسيّة المستنهضة لهمم الفاعلين في الحقل الثقافي، فـ تونس بلد الإبداع وموطن الثقافة والتميّز، لا تعكس صورتها الحاليّة حقيقة تاريخها وحجمها وقيمتها، ومن أوْكد أولويّات السلطة السياسيّة ورئيس الجمهوريّة بالأساس، ضرورة النهوض بالفعل الثقافي بمختلف أوجههِ وتمثّلاتهِ، والاستئناس بنماذج مقارنة، كَـ تركيا التي أضحت فيها الثقافة صناعة مُساهمة في الترويج لها، والفضل يعود للماسكين بزمام القرار، الذين تعهّدوا فـ أوفوا... والدراما التركيّة على سبيل المثال، عابرة للقارّات اليوم، والمبدع هناك له مكانة عليا ومحصّن من التهميش والفقر والجوع...
وهنا لا بدّ من تعرية حقيقة وضع الفنّان والمثقّف في تونس، الذي يعاني ويلات الحرمان والخصاصة والمرض ويُكابد مصيرهُ البائس متروكاً، ولعلّ صورة المسرحي حمزة داود التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي بتلك الإهانة والقسوة، خير دليل على ما أقول.
في الختام، يجدر بالذكر أنّ قناة "تلفزة تي في" ستتولّى عرض سلسلة «يحيى الجيْ» طيلة الأسبوعيْن الأخيريْن من رمضان، سيناريو وحوار، منير البوغالمي، وإخراج بلحسن زايد، ويشهد العمل، مشاركة عددٍ من الممثّلين، تقاسموا تجسيد أحداثه، على غرار، بشرى السّلطاني، نورهان بوزيّان، هشام درويش، يسرى الطرابلسي، وغيرهم من الوجوه الواعدة.
حاورها: ماهر العوني