الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات هذه الوظائف مهدّدة بالإندثار بسبب الذكاء الاصطناعي

نشر في  03 فيفري 2025  (19:13)

قفزة نوعية عرفها الذكاء الاصطناعي، خلال السنوات الأخيرة، ارتكزت على تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكي في طريقة عملها أسلوب الدماغ البشري، أي أنها قادرة على التجريب والتعلم وتطوير نفسها ذاتيا دون تدخل الإنسان.

"التعلم العميق" هو أبرز مظاهر هذه القفزة، والتي أثبتت قدرتها على التعرف على الصور وفهم الكلام والترجمة من لغة إلى أخرى، وغير ذلك من القدرات التي بلغت حتى إلقاء الشعر!. هذه القدرات أغرت الشركات الأميركية، والصينية للاستثمار وتكثيف الأبحاث فيها.

'AI'.. هو تعريف مختصر للذكاء الاصطناعي ذو القدرات التي تشبه قدرات الإنسان ويحاكي الذكاء البشري في العمل.


يرى البعض أن للذكاء الاصطناعي مخاطر عديدة ولعل أهمها تهديده لعدة وظائف، خاصة تلك المتعلقة بالصناعات وتجارة التجزئة والخدمات اللوجستية، وبدرجة أقل تلك التي تتعلق بمجالات البرمجة، والهندسة والمحاسبة. هذا التهديد يستوجب تنظيم وحوكمة  هذا الذكاء وسنّ تشريعات قانونية في ظل تطوره المتلاحق والذي يثير الكثير من المخاوف، وفقا للكاتب علي أوغوز ديريوز في مقال نشرته صحيفة ''إندبندنت''.

هل وظيفتك مهدّدة بالإندثار بسبب الذكاء الاصطناعي؟

تعد الوظائف التي تقوم على مهام متكررة وقائمة على قواعد معينة، مرشحة مثالية للتشغيل الآلي، حيث تفوّق الذكاء الاصطناعي، في إدخال البيانات وتنظيمها وإدارتها بكفاءة أكبر من البشر، مما يقلل الأخطاء، ويوفر الوقت للتركيز على الأنشطة الأكثر تعقيداً.

وكشف تقرير نقلته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، أن أكثر من ثلثي الوظائف معرضة لخطر الاندثار والزوال بسبب الذكاء الاصطناعي. هذا تقرير أجراه موقع خاص بالتوظيف من خلال دراسة فحصت أكثر من 55 مليون وظيفة تتضمن مهارات مختلفة.

خلصت الدراسة إلى أنّ مهندسي البرمجيات والمحامين والمحاسبين والصحفيين والمصرفيين يواجهون التهديد الأكبر من الذكاء الاصطناعي.

تأثير الذكاء الاصطناعي سيكون قاسيا، هكذا حذّرت الأمم المتحدة في دراسة أجرتها مؤخّرا، كشفت فيها أن "معظم الوظائف والصناعات ستضرر من ثورة الذكاء الاصطناعي".

إدخال البيانات والمهام الإدارية

وظيفة إدخال البيانات والمهام الإدارية تعد من أكثر الوظائف التي يهددها الذكاء الاصطناعي، بعد ان تمكن في معالجة وتنظيم كميات هائلة من البيانات بسرعة وبدقة، أكثر من صاحب الوظيفة مما جعلها من المُستغنى عنها!

خطوط التصنيع والتجميع

المهام الجسدية المتكررة، في كل القطاعات ومن بينها التصنيع، أصبح للذكاء الاصطناعي والروبوتات القدرة التامة على أدائها مثل تجميع المنتجات واللحام والتعبئة والتغليف، بدقة وكفاءة أكبر من البشر.

وتُعد هذه الأنظمة مفيدة بشكل خاص في إعدادات الإنتاج بكميات كبيرة، حيث يمكنها العمل بشكل متواصل دون تعب أو انقطاع، مما يقلل التكاليف ويزيد الإنتاجية. ونتيجة لذلك، يتم استبدال أنظمة آلية بكثير من وظائف خطوط التصنيع والتجميع.

البيع بالتجزئة

نجاحات كبيرة، حققها الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، خاصة فيما تعلق بعمليات البيع بالتجزئة وأكشاك الخدمة الذاتية الشائعة بشكل متزايد في محلات السوبرماركت، ومتاجر البيع بالتجزئة، مما يقلل من الحاجة إلى الصرافين من البشر.

ويمكن للأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي التعامل مع المعاملات بشكل مستقل، وإدارة المخزون، وحتى تقديم تجارب تسوق مخصصة، كما أنها توفر سهولة وكفاءة عمليات الدفع الآلية، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تراجع أدوار البشر الذين يقومون بالدور نفسه.

الوظائف التحليلية الأساسية

الوظائف التحليلية الأساسية، مثل التحليل المالي البسيط أو إعداد التقارير، تتجه أيضا نحو ''الأتمتة''، حيث يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي معالجة مجموعات كبيرة من البيانات وتحديد الاتجاهات وإنشاء التقارير بسرعة ودقة أكبر من البشر.

الوظائف التحليلية تتضمن تحليل البيانات الروتينية، مثل إنشاء ملخصات مالية، أو تقارير السوق أو مقاييس الأداء. ومع استمرار تحسن الذكاء الاصطناعي، هي مندثرة لا محالة.

(الأتمتة هي تطبيق الآلات للمهام التي كان يؤديها البشر في السابق، ويرمز للإشارة إلى الاستبدال البسيط للبشري بالآلة، والأتمتة تعني عموماً دمج الآلات في نظام الحكم الذاتي).

تصميم الغرافيك

تصميم الغرافيك ليس محصنا ضدّ ثورة الذكاء الاصطناعي، إذ أصبحت أدواته قادرة على إنتاج عناصر التصميم الأساسية، وأتمة مهام التصميم الغرافيكي البسيطة التي كانت تتطلب في السابق مصممين. ويمكن لهذه الأدوات إنشاء الشعارات ومنشورات الوسائط الاجتماعية، وحتى تخطيطات مواقع الويب، مما يوفر حلولاً سريعة وفعالة من حيث التكلفة.

ورغم ذلك، تقول مجلة ''فوربس''، إن تصميمات الذكاء الاصطناعي قد تفتقر إلى الذوق الإبداعي الذي يتمتع به البشريون.

الترجمة

يتأثر مجال الترجمة بشكل كبير بالذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت خدمات الترجمة الآلية متطورة بشكل متزايد، وتتيح فرضة التعامل مع لغات متعددة، وتقديم خدمات الترجمة في الوقت قياسي، رغم ان دراسات أثبتت أنّ الفهم الدقيق للغة والسياق الثقافي لا يزال يتطلب خبرة بشرية.

التصوير الفوتوغرافي الروتيني

يمثل التصوير الفوتوغرافي للشركات مجالا آخر يحقق فيه الذكاء الاصطناعي خطوات كبيرة، فالتقاط لقطات مباشرة لمواقع الويب، أو الأحداث الخاصة بالشركة، باستخدام الذكاء الاصطناعي.

ويمكن لهذه الأنظمة ضبط الإضاءة والتأطير، وحتى التحرير، لإنتاج صور عالية الجودة بأقل قدر من التدخل البشري. في حين أن التصوير الفوتوغرافي المعقد والإبداعي لا يزال يتطلب موهبة بشرية، فإن مهام التصوير الفوتوغرافي الروتينية للشركات يتم التعامل معها بشكل متزايد بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وظائف خدمة الزبائن

أصبحت الروبوتات والبرامج الذكية قادرة على تقديم خدمة الزبائن بشكل فعال. روبوتات المحادثة (Chatbots) وأنظمة الرد الآلي يمكنها التعامل مع استفسارات العملاء وحل المشكلات البسيطة بشكل سريع ودقيق. نتيجة لذلك، قد تتقلص الحاجة إلى موظفي خدمة العملاء التقليديين في العديد من الشركات.

وظائف التشخيص الطبي

حتى مجال الصحي لم يسلم من ثورة الذكاء الاصطناعي، فمجال الرعاية الصحية، أصبح مهددا بعد أن اكتسب الذكاء الاصطناعي القدرة على تحليل الأشعة والفحوصات الطبية بشكل دقيق، مما يقلل من الحاجة إلى أطباء الأشعة والمختصين بالتشخيص، كما أنظمة الذكاء الاصطناعي يمكنها التعرف على الأنماط والأمراض بشكل سريع وفعال، مما يجعلها أداة قيمة في المجال الطبي.

هذا المقال لا يكفي لجرد كل الوظائف المهدّدة، وحصرها، وهو مجرّد نبذة عن الوظائف التي يهدّدها الذكاء الاصطناعي وقد تندثر ولا تصمد أمام تطوره المتلاحق، في المقابل هناك وظائف ستبقى صامدة أمامه ومحصّنة.

وظائف محصنّة ضدّ الذكاء الاصطناعي

مهما بلغ الذكاء الاصطناعي من تطور، ومهما بلغت البشرية من تقدم، هناك وظائف محصّنة أمامهما ولن تتأثّرا بالقفزات النوعية التي يعرفاها، وعديدة هي ومتنوعة هذه المهن، سنحاول تقديم عدد منها:

وظائف إبداعية

من الصعب أن يؤدي الذكاء الاصطناعي مسرحية، أو يقدم إحدى الفقرات في السيرك، أو يبدع مثل النحات والصائغي والراقص والرسام والعازف ومؤلف الموسيقى، مهما تقدم وتطور.

المجال الصحي

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية في تسجيل بيانات المرضى وحفظها، وتدوين ملاحظات الطبيب وربطها معا، ولكن سيظل التواصل الإنساني أهم عامل في خدمات الطبية، من خلال سماع شكوى المريض ودعمه وفهم حالته العقلية والبدنية.

الحرف والمهن اليدوية

لن يصلح الذكاء الاصطناعي حنفية الحوض التي لم تعد تعمل ومن الصعب أن يبني منزلا جديدا، كما أنه لن يتمكن من تصليح الكهرباء، كونها مهام تعتمد على الإنسان واختباره للمشكلة وقدرته على اختراع الحل.

الوظائف القانونية

لن تتأثر هذه المهن بالذكاء الاصطناعي، فهو لا يعرف لا العدل والحكمة، لإصدار الحكم المناسب، كونه لا يملك مشاعر، فلن يكون قادرا على رؤية فروق دقيقة بين الصدق والكذب وتحقيق العدل.

وظائف الخدمة والعناية الشخصية

مثل مصفف الشعر، ومنظم الفعاليات والحفلات، وجليسة الأطفال، وخبيرة التجميل، وأيضا مدرب الحيوانات، تعتبر هذه الوظائف إنسانية ما زال الذكاء الاصطناعي غير قادر على القيام بها.

وظائف الزراعة والبيئة

يساعد الذكاء الاصطناعي المزارعين على مراقبة صحة الحيوانات والمحاصيل، ومراقبة أنماط هجرة الحيوانات والحد من قطع الأشجار لمساعدة الناشطين حول البيئة، ولكنه لن يتمكن حرث الأرض واستكشاف ما يساعد التربة على النمو، من خلال جمع العينات وزيارة الغابات والأنهار، والدعوة للحفاظ على البيئة.

وظائف الإعلام

تقصّي الخبر الصحفي ومحاولة كشف الحقيقة، والقدرة على الترفيه والإمتاع، لا يقدر الذكاء الاصطناعي تقديمها، قد يقدم المساعدة لكنه لن يكون مكان المراسل الحربي، والصحفي الاستقصائي مثلا!

وظائف الطهاة 

الذكاء الاصطناعي لا يصنع الخبز أو المرطبات أو بيتزا فالطهاة والخبازين ومعدي الطعام وتقديمه، محصنون ضدّه، لقدرتهم على التذوق واختيار أفضل المكونات.

وظائف الرياضة

روبوت يغوص في البحار أو يلعب كرة القدم، لن يكون ممتعا لك متابعته وهو يقوم بذلك، لذا ستستمر في تشجيعك للاعبك المفضل في أي مجال رياضي، وهو ما يجعل من المستبعد أن يحل الذكاء الاصطناعي مكان اللاعبين ومدربي اللياقة البدنية.

تطور الذكاء الاصطناعي..وظائف جديدة ستظهر

ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، أصبح من الضروري تبني التغيير وتطوير المهارات التي تكمل الأنظمة الذكية بدلاً من التنافس معها مع التركيز على المجالات التي مازال وسيكون فيها الإبداع البشري ''عقدة'' للذكاء الاصطناعي:

مهندسو الذكاء الاصطناعي وعلماء البيانات

مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، تزداد الحاجة إلى مهندسي الذكاء الاصطناعي وعلماء البيانات. هؤلاء المهنيون يعملون على تطوير وتحسين الخوارزميات والنماذج الذكية التي تجعل الآلات أكثر قدرة على التعلم والتحليل.

مدربو الذكاء الاصطناعي

على الرغم من قدرة الذكاء الاصطناعي على التعلم الذاتي، إلا أنه لا يزال بحاجة إلى تدخل بشري في مرحلة التدريب. مدربو الذكاء الاصطناعي هم المسؤولون عن تقديم البيانات التعليمية للأنظمة الذكية وضبط نماذج الذكاء الاصطناعي.

خبراء أخلاقيات الذكاء الاصطناعي

مع توسع استخدام الذكاء الاصطناعي، تزداد المخاوف بشأن تأثيراته الأخلاقية والاجتماعية، وهنا يظهر دور خبراء أخلاقيات الذكاء الاصطناعي لضمان استخدام هذه التكنولوجيا بطرق تحترم القيم الإنسانية وتقلل من المخاطر المحتملة.

مدراء الأنظمة الذكية

مدراء الأنظمة الذكية يلعبون دورا حيويا في الإشراف على تشغيل وصيانة الأنظمة الذكية في المؤسسات، ما يتطلب فهما عميقا للتكنولوجيا والتحديات المحتملة التي قد تواجهها هذه الأنظمة.

مطورو تطبيقات الذكاء الاصطناعي

مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في التطبيقات اليومية، يزداد الطلب على مطوري التطبيقات المتخصصة في هذا المجال، فمطورو تطبيقات الذكاء الاصطناعي يعملون على إنشاء تطبيقات مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة المستخدم وزيادة كفاءة الخدمات.

مختصو الأمن السيبراني في الذكاء الاصطناعي

توسع استخدام الذكاء الاصطناعي يزيد من الحاجة إلى خبراء الأمن السيبراني الذين يتخصصون في حماية الأنظمة الذكية من الهجمات السيبرانية. هؤلاء المختصون يطورون استراتيجيات وأدوات لحماية البيانات والأنظمة من التهديدات المحتملة.

مستشارو التحول الرقمي

مع زيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، تحتاج الشركات إلى مستشارين لمساعدتها في التحول الرقمي وتبني التكنولوجيا الحديثة بفعالية، فمستشارو التحول الرقمي يعملون على تقييم احتياجات الشركات وتقديم حلول تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين العمليات وزيادة الإنتاجية.


تفيد ''فوربس'' بأنه على الرغم من أن تطور الذكاء الاصطناعي يشير إلى تحولات كبيرة في سوق العمل ليحل محل أدوار معينة، فإنه أيضاً يفتح فرصاً جديدة في القطاعات التي تتطلب اتخاذ قرارات معقدة، والذكاء العاطفي، والمهارات الإبداعية، وهي سمات لا يستطيع الذكاء الاصطناعي محاكاتها.

ويشير تقرير المجلة الى أن فهم هذه الاتجاهات أمر بالغ الأهمية لإعداد القوى العاملة في المستقبل. وسيحتاج التعليم والتدريب إلى التكيف لمساعدة الأشخاص على الانتقال إلى أدوار تظل فيها الخبرة البشرية غير قابلة للتخلي عنها.